
مفهوم الدولة عند الكيزان
مليح يعقوب حماد
يعتبر مفهوم الدولة عند البلابسة والكيزان عبارة عن مفهوم استهبالي و تجاوزي.ومنظورهم للحكومة ضييق النظرة ومحدود الافق. ويعتبر جزء لايتجزأ من تركيبتهم السلوكية المتطرفة. والتي لاتعترف بوجود الاخر. يتظاهر الاسلاموين بانهم يستوعبون التنوع ولكنهم علي ارض الواقع يسبحون عكس تياراته، ويضربون عرض الحائط بجميع بواتق الانصهار ومناظير الوحدة في التنوع .فكل التنظيمات السياسية المتواطئة معهم تم استغلالها لاغراض الدعاية والاعلان و التضليل السياسي، والذي يعطي انطباع المشاركة دون ان يحدث اي تغيير علي ارض الواقع .فالمؤتمر اللاوطني لايذال شغله الشاغل هو تقسيم الاحزاب والطوائف والقبائل والجماعات. و اغلب المتحالفين معه تسلقوا علي اكتاف الأبرياء من اجل ان يقتاتوا من موائد السلطة وبقايا فتاتها. ولقد اختزل الكيزان مفهوم الدولة السودانية في انفسهم. عبر مايسمي بالمشروع الحضاري.وقد اثبتت التجارب ان مشروعهم السياسي عبارة عن ايدلوجيا سياسية انتهازية ومتطرفة. ساقوا بها المواطنين بالخلا الي ان اوصلوهم لهذا المستوي من الانقسام. فمنظور الاسلاموين للحياة دنيوي و زايل ولا تربطه اي علاقة بالدين والحضارة.واما امثال فكي جبرين ومناوي. فقد اصبحوا فلاقنة لمشروع المركز، وقد تم استيعابهم في منظومة الانقاذ. وان لم يسارعوا الي الهروب من سفينة علي كرتي سوف يغرقون معه او يتجرعون السم مرات ومرات من قبل البرهان و المدعو ياسر كاسات.وقد صاروا مجرد اضحوكة ومسخرة في نظر العامة.حيث نلاحظ انهم لم يتعظوا من تكرار مرارات الماضي و التي يتم تحريكها من قبل الكيزان. واري ان معطيات الحرب الحالية، تؤكد انتهاء فترة صلاحية مشروع الانقاذ ولايختلف حول ذلك الا مكابر صرعته الايدلوجيا بتعصبها الاعمي ، لقد انهزم الكيزان شر هزيمة ونراهم يوميا يولون الدبر. بينما تسقط حامياتهم الواحدة تلو الاخري. لقد ضاقت بهم الحياة وهربت معظم قياداتهم الي خارج السودان. ومايتبقي منهم سوف يهربون بمجرد ان تقترب قوات الدعم السريع من مشارف مدينة بورتسودان. فكل مايفعله البلابسة و الفلول في الميديا والاعلام عبارة عن بكاء وعويل و فرفرة مذبوح. فلم يعد بمقدورهم التعايش،مع الواقع و لا التاقلم مع الحرب. لقد عجزوا كليا عن مجاراة الاشاوس في جميع ميادين القتال. فخروجهم من السلطة قد بات وشيكا و اصبح مسالة وقت و غاب قوسين او ادني. فبمجرد ان تضع تلك الحرب اوزارها سيجدون انفسهم خارج التغطية.ولابد للسودانيين من التفكير السليم من داخل وخارج الصندوق من اجل بناء مشروع سياسي بديل يتجاوز فكرة السودان القديم.و لقد اشتهر الكيزان وطوال تاريخهم بسوء معاملتهم لاسري الحرب، فهنالك جرائم انسانية فظيعة تم ارتكابها في حروبهم السابقة، ولكن غياب التغطية الاعلامية هو من حال دون توثيقها ،مما تسبب بدوره في ضياع حقوق الضحايا. ونلاحظ ان ظهور الاعلام البديل والمتمثل في الميديا و الفيس والواتس واليوتيوب، قد لعب دورا كبيرا في توثيق انتهاكات القوات المسلحة في حربها المفتعلة ضد قوات الدعم السريع.ومن ضمنها تعذيب الاسري و قصف المدافع والطيران للمدنيين و القري والفرقان والاحياء والبيوت والطرق والجسور والكباري والمصانع والمساجد والمستشفيات والاسواق والخ. وهذا ما يؤكد عدم التزام الكيزان بقوانين الحرب و بالقيم والاخلاق وتعاليم الاسلام.وقد شهدناهم في اتفاقية نيفاشا والموقعة بينهم وبين الزعيم الراحل جون قرنق دمبيور .حيث سلمهم الجيش الشعبي جميع اسراهم و هم في حالة صحية جيدة. ولم يحصل مقابل ذلك ولا علي اسير واحد. و عندما استولي الكيزان علي السلطة في العام 1989م كانوا يصنفون خصومهم السياسيين بالكفار والملحدين. وقد عادوا الان لنقطة البداية وهم اكثر تشددا من السابق. لقد شاهدنا فيديوهاتهم يقطعون رؤوس الاسري من قوات الدعم السريع ، ويعبثون بجماجم الشهداء وياكلون لحومهم.وهذا في حد ذاته يعتبر ضرب من الجنون و رجس من عمل الشيطان. وان دل انما يدل علي حجم الافلاس الفكري الذي ينتابهم من جراء الهزائم المتتالية التي تعرضوا لها في ميادين القتال. وكما يعلم المواطنين ان الارهاب الدولي قد دخل العالم من بوابة الكيزان. والذين كانوا ولوقت قريب حلفاء للقاعدة وتنظيم الدولة و حركة طالبان. لقد حكم الاسلاميون البلاد لاكثر من ثلاثين عام بالغش والتزوير و الدجل والشعوذة.وعبثوا بمؤسسات الدولة واحتكروا جيشها وشرطتها وامنها واعلامها. وافرغوها من محتواها ومضمونها وحولوا الاجهزة الامنية والعسكرية الي ادوات للبطش والقمع والتطويع .ثم نشروا الكراهية والفتنة والجهل والفقر و المرض.كما فصلوا الجنوب و نشروا الحروب في ماتبقي من سوداننا الحبيب .وحولوا تنوعه العرقي والثقافي واللغوي والديني من مصدر للقوة والنشاط الي مدخل للفرقة والشتات. ولاذالوا يلعبون علي تناقضات المجتمع ويستخدمون سياسات فرق تسد ويوزعون صكوك الوطنية والغفران علي كل من يبايعهم .ويلفظون كل من يخالفهم في الراي الي خارج جغرافيا الوطن. ولقد استبين المواطن البسيط مدي مكرهم وخبثهم ، فما عادت الاعيبهم تحرك فيه ساكنا.و نلاحظ ان من اعلنوا انضامهم لما يسمي بالمقاومة الشعبية، قد اقحموا انفسهم في حرب خاسرة، لا ناقة لهم فيها ولا جمل.وقد تم تغبيش َوعيهم وتغييب عقولهم، واذا لم يحرروا نفوسهم من دنث الكيزان. فان مصيرهم هو الهلاك. لقد اثبتت التجربة ان الكيزان هم اكبر معيق للتحول المدني ، وهم اخطر مهدد للسلم الاهلي في السودان .فالتصريحات الجهوية والانفصالية والصادرة من قبل المدعو ياسر كاسات، خير شاهد علي ذلك . لقد انكوت بنيران الانقاذ العديد من القوميات السودانية المهمشة، وصارت تلك المجموعات من اكبر ضحايا الصراع السياسي الدائر بين الحكومة و الحركات. وقد انقلب اليوم السحر علي الساحر، وتوحدت جميع قطاعات الهامش من اجل اقتلاع الكيزان من كراسي السلطة. ومن ضمن تلك القوميات والتي اصبحت ضحية لمشروع الانقاذ قوميات البقارة والابالة والفونج والانقسنا والنوبة والزقاوة والفور و ما الي ذلك.وكما نلاحظ ان جميع قطاعات الشعب قد اصبحت هي الاخري ضحية لسياسات الانقاذ. واري ان الاستهداف الانتقائي والممنهج والذي يمارسه الكيزان ضد بعض من منسوبي تلك القوميات، يبرهن ان السودان عبارة عن بلد متعدد الهويات.وهنالك تنظيم كيزاني اسلاموي احادي قد استغل امكانيات الدولة من اجل ان يفرض شروطه علي اقطابها. َوالتي تتراوح وفي اغلبها مابين عروبية وافريقانية ويجمع بينهما قواسم مشتركة يتم اجمالها تحت مسمي الهوية السودانية الوطنية الجامعة و تظهر بشكل واضح في الازياء والاكلات والاديان واللغات والعادات والتقاليد والسلوك والثقافات والاغاني والرقصات والحفلات و والمناسبات والاسواق والمظاهرات والخ. ولكن دولة الكيزان قد عبثت بمشتركاتها وافرغتها وفي بعض المواضع من مضامينها. ولابد لنا من العمل علي تغيير الواقع السوداني السياسي والثقافي والاقتصادي نحو الامثل عن طريق اعادة بناء مؤسسات الدولة علي اسس وطنية جديدة، ترتكز علي مبادئ المواطنة والحرية والعدالة والسلام والتنمية و الاستقرار والمساواة بين جميع المواطنين علي اساس الحقوق والواجبات.