
🔥قناتي الجزيرة والحدث من الحياد إلى الإنحياز في حرب السودان 🔥
بقلم: محمود كاربينو
*أصبح الإعلام أداة فاعلة في تشكيل الرأي العام وصياغة المواقف الإجتماعية والسياسية ، ورغم الدور المُهم الذي يلعبهُ في توعية الشعوب ونقل الحقائق والقضايا الإنسانية ، إلا أنه في بعض الأحيان يتحول إلى سلاح ذو حدين يتم تكريسهِ او توظيفهِ بطرق قد تكون مشوهة او تُساعد في إشعال الحروب والتوترات ، يتجاهل البعض بقصد الإنتهاكات التي يمكن أن تحدث في حالة إنفراط عقد الأمن و الذي قد يؤدي إلى تعميق الفجوة وإتساع الهوة بين مختلف أبناء الشعب السوداني والتي بدورها قد تنتج إنقسام مجتمعي يُعزز الإنفصال ويُبدد جهود الوحدة والسلام .*
*لم يكن الإنحياز الإعلامي في تغطية حرب السودان جديداً او غريباً ، لكنه كان صادماً في عدم اللا مهنية التي اتصف بها ، حيث تابع الجميع في الآونة الأخيرة إنتشار للمراسلين في مناطق دون غيرها خاصة بعد سيطر الجيش على ولايتي الجزيرة والخرطوم ولكنهم تناسوا القتل الممنهج عن طريق الذبح الذي حدث لمدنيين خارج نطاق القانون الذي تزامن مع دخول الجيش بعد إنسحاب قوات الدعم السريع من الولايتين ، ظهر هذا التحيز بوضوح وكثافة وبأشكال عدة كان من أهمها إستخدام خطاب مؤيد لأفعال الجيش حتى الوحشية منها ،واستخدام مصطلحات ولغة مضللة في نقل الأحداث والتركيز على هجمات الدعم السريع ، مع غيابهم المتعمد في تغطية قصف طائرات الجيش للمدنيين في دارفور وكردفان خاصة ولايتي جنوب وشمال دارفور هناك تم إبادة المدنيين في الأسواق والمساكن المدنية ولكن هذه الطلعات الجوية وعلى الرغم ما خلفتهُ من قتل وتشريد لم نرى لهذه القنوات دور في عكس هذا السلوك الذي يتنافى مع الإنسانية وكأنما مواطن الخرطوم أفضل من مواطن دارفور ، لا أدري أين مراسلين هذه القنوات في دارفور ولماذا لم يكونوا بالعدد الكافي لتغطية هذه الأحداث ؟.*
*بالطبع حرصت سلطة الأمر الواقع في بورتسودان على الحصول على تأييد وسائل الإعلام للحرب في السودان كما أجتهدت في أن تكون روايتها للأحداث هي السائدة والمنتشرة على الرغم من تناقضها وعدم مصداقية في كثير من الأحيان ولأجل تكون لها السطوة الإعلامية الكاملة سنت مجموعة من القوانين الرقابية على هذه القنوات حتى يُقدم المراسلين تقارير متفقة مع مصالحها وبث مواد تختلف عن الواقع الذي ظل يشاهده كل مواطن سوداني عاش وسط معاناة هذه الحرب وظل مُنادياً بالسلام ورفض الحرب ولكن من الذي ينقل أصوات هؤلاء للعالم ومؤسساتهِ الإنسانية وهذا ما أدى إلى إتساع رقعة الحرب وطول مدتها .*
*إن الإصطفاف إلى جانب رواية الجيش السوداني ضد رواية ومظلومية شعبنا الصابر الذي يتعرض للإبادة الجماعية بطائرات الجيش الذي خيب آمال السودانيين وظنونهم فيه وبات يُمثل فئات إجتماعية دون أخرى ومناطق دون أخرى وهذا ما تم رصده طوال فترات حروب دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق من قبل ولكن في حرب أبريل اتضحت المعالم وانكسف زيف نخبة الجيش وهذا زاد من إيمان السودانيين بالضرورة الجادة في حل هذه المؤسسة وتأسيس جيش وطني مهني واحد يمثل كل السودان .*
*هذه القنوات افتقرت للموضوعية في تناول قضايا المجتمع السوداني وتطلعاته الحقيقية في وقف الحرب وبناء وتأسيس دولة عدالة إجتماعية ولم تنصف إنقسام المجتمع السوداني بين مؤيد للجيش ومؤيد للدعم السريع وتجاهلت لحد كبير الإشارة إلى سلطة الأمر الواقع في كردفان ودارفور تحت مسمى الإدارة المدنية وانكفت فقط بسلطة بورتسودان ، قد يكون السبب الرئيسي ضعف أجهزة ومؤسسات الإدارة المدنية وعدم القيام بدورها المنوط بها وعدم وجود مؤسسات إعلامية رسمية لتوقف ما تشاء من يُنافي خط الحقائق والتصديق لمن يتفق مع مهنية ورسالة الإعلام التي تنقل الواقع وتعمل على تغذية العقل الجمعي بمُمسكات الوحدة الوطنية وغرس قيم السلام والإستقرار .*
*يبقى التحدي الأكبر للإدارة المدنية ومجتمعات كردفان ودارفور مقاطعة هذه القنوات وايقاف مراسليها ومطالبتهم بمكتب لهذه القنوات منفصل عن مجموعة بورتسودان ولابد أيضاً البحث عن خيارات إعلامية أكثر مصداقية فالعالم يهمه الخبر ومصدره وليس من ينقل ، إننا في لحظات تاريخية فارقة من عمر الدولة السودانية نحتاج إلى مؤسسات إعلامية توازي مؤسسات بورتسودان لدحض الشائعات وكشف خطط ومؤامرات ممتدة منذ عقود من إختطاف هذه المؤسسات وتجييرها لصالح مجموعات تتحكم في المشهد لأجل البقاء والإستمرار في حُكم الدولة السودانية على حساب أصحاب المصلحة والأغلبية المُستغلة .*
*الأربعاء :الموافق 2025/4/9م*